مَا هِيَ طَبِيعَةُ الله ؟ وَمَا هي أَقَانِيمُهُ الثَّلَاثَة ؟

يَجِبُ عَلَيْنَا بِدَايَةً أَنْ نَعْلَمَ بِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ مَا قَادِرٌ أنْ يَسْتَوْعِبَ وَيَعْرِفَ طَبِيعَةَ اللّهِ
بِالكَامِلِ , فَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ أنْ نُدْرِكَهُ بِعُقُولِنَا المَحْدُودَةِ , وَلَكِنَّهُ أَعْلَنَ لَنَا نَفْسَهُ فِي الكِتَابِ المُقَدَّسِ بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي نَسْتَطِيعُ بِهَا إِدْرَاكَهُ
—————————————————————————————————-
اللّه لَهُ طَبِيعَةٌ رُوحَانِيَّةٌ كَمَا أنَّ الإِنْسَانَ لَهُ طَبِيعَةٌ جَسَدِيَّةٌ , فَنَحْنُ لا يُمْكِنُنَا رُؤْيَةَ اللّهِ بِلَاهُوتِهِ فَهَذَا فَوْقَ طَبِيعَتِنَا البَشَرِيَّةِ , وَهُوَ غَيْر مَحْدُودٍ لَا يَحُدُّهُ زَمَانٌ وَلَا مَكَانٌ , فَلَا نَقُولُ أَنَّهُ وُجِدَ البَارِحَة وَاليَوْمَ لَا يُوجِد , وَلَا يُمْكِن القَوْل أَبَدَاً بِأَنَّ اللّه عِنْدَهُ مَاضِي وَحَاضِر وَمُسْتَقْبَل لِأَنَّ لَا زَمَان يَحِدَّهُ , وَلَا نَعْتَقِد بِأَنَّ اللّه مَوْجُودٌ فِي بَلَدٍ مَا وَفِي غَيْرِهُ لا , أُو مَوْجُودٌ عِنْدَ فُلانٍ وَيَسْمَعُ لَهُ بَيْنَمَا لَا يَسْتَطِيعُ إنْ يَسْمَع الآخَر ! فَاللّه مَالِئٌ كُلَّ مَكَانٍ وَيُوجَدُ فِي جَمِيعِ الأَمَاكِنِ بِنَفْسِ اللَّحْظَةِ .
—————————————————————————————————–
اللّه وَاحِدٌ وَأُعْلَنَ عَنْ ذَاتِهِ لِشَعْبِهِ بِالأَنْبِياءِ سَابِقَاً لِيَعْلَمُوا أنَّ لَا إِلَهَ سِوَاهُ وَلِكَي يَمْتَنِعُوا عَنْ العِبَادَاتِ الوَثَنِيَّةِ الَّتِي انْتَشَرَتْ بِكَثْرَةٍ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ , فَقَدْ كَانَ النَّاسُ يُؤْمِنُونَ بِتَعَدُّدِ الآلِهَةِ وَالبَعْضُ كَانَ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ وَالتَّمَاثِيلَ , فَلِذَلِكَ بَيَّنَ الكِتَابُ المُقَدَّسُ لَنَا الإِلَهَ الحَقِيقِيَّ وَحْدَهُ الَّذِي هُوَ “يَهْوَه ” لَهُ كُلُّ المَجْد .
وَلَكِن مَا نَوْع هَذِهِ الوِحْدَانِيَّة ؟
——————————————————————————–
إِلَهُنَا مُثَلَّثُ الأَقَانِيمِ ( الآبُ وَالابْنُ وَالرُّوحُ القُدُس ) وَهَذَا مَا يَجْعَلُهُ قَرِيبٌ مِنَّا وَيَتَدَخَّلُ فِي حَيَاتِنَا , فَالآبُ خَلَق العَالَمَ بِكَلِمَتِهِ ” كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمَ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ “يو 3:1 فِي رَوْحهُ الَّذِي يَحِلُّ عَلَيْنَا فِي المَعْمُودِيَّةِ وَيَسْكُنُ دَاخِلَنَا وَيَقُودُ حَيَاتَنَا وَيُوَجِّهُنَا وَيُعَلِّمُنَا الوَصَايا وَيُبَكِّتُنَا عَلَى خَطَايَانَا فَبِهَذَا يُصْبِحُ قَلّْبَنَا مَسْكَنَاً لِلرُّوحِ القُدُسِ الَّذِي هُوَ اللّه.
وَالآنَ كَيْفَ سَنَفْهِمُ عَقِيدَةَ الثَّالُوثِ القُدُّوس ؟
————————————————————————————-
اللّه مَوْجُودٌ بِذَاتِهِ (فَنُطْلِقُ عَلَيْهِ لَفْظَ الآب) نَاطِقٌ بِعَقْلِهِ أُو عَاقِلٌ بِنُطْقِهِ وَكَلِمَتِهِ (نُطْلِقُ عَلَيْهِ لَفْظَ الابْن ) حَيٌّ بِرُوحِهِ القُدُّوس (نُطْلِقُ عَلَيْهِ لَفْظَ الرُّوح القُدُس ) فَالثَّلاثَةُ مُتَسَاوُونَ فِي الجَوْهَرِ وَاللَّاهُوت .
الآبُ هُوَ الأَصْل وَالابْن هُوَ المَوْلُودُ مِنَ الآبِ وَالرُّوحُ هُوَ المُنْبَثِقُ مِنَ الآبِ فَقَط .
—————————————————————————-
أَمْثِلَة تَوضِيحِيَّة لِفَهْمِ طَبِيعَةِ الثَّالُوث الأَقْدَس
————————————————–
* الإِنْسَان = نَفْس + جَسَد + رُوح , وَالنَّفَس لَيْسَت هِيَ الجَسَد وَلَيْسَت هِيَ الرُّوح فَلِكُلٍّ مِنْهَا وَظِيفَةٌ خَاصَّةٌ بهَا وَلَكِن كُلُّها تَعُوّد لِلإِنْسَان

* الشَّمْس = القُرْص + الحَرَارَة + النُّور ,القُرَص لَيسَ نَفْسُهُ الحَرَارَة وَلَيْسَ نَفْسُهُ النُّور المُنْبَعِث مِنَ الشَّمْس وَلَكِن كُلّهَا تَعُودُ لِلشَّمْس فَكَمَا أنَّ الشَّمْسَ فِي وُجُودِهَا لَمْ تَسْبِّق وُجُودَ الحَرَارَة وَلَا النُّور بَلْ بِوُجُودِ الشَّمْس وُجِدَتْ الحَرَارَة وَوُجِدَ النُّور , كَذَلِكَ اللّه , فَالآب فِي وُجُودِهُ لَمْ يَسْبِق الابْن وَلَا الرُّوح القُدُس , فَلَم يَكُن يَوْمَاً بِلَا عَقْل أُو بِلَا رُوح , وَكَمَا أنَّ النُّور مَوْلُودٌ مِنَ الشَّمْسِ كَذَلِكَ الابْن مَوْلُودٌ مِن الآب فَهِيَ لَيْسَت وِلَادَةٌ جَسَدِيَّةٌ طَبِيعِيَّةٌ بَلْ ولَادَةٌ رُوحِيَّةٌ أَي أنَّ الابْن هُوَ مِن ذَاتِ الآب وَحَامِلٌ صِفَاتَهُ لِأَنَّهُ كَلِّمَتَهُ المَوْلُود مِنْه الَّذِي حِينِ تَجَسَّدَ وَدَخَل إِلَى عَالَمِنَا هَذَا لَمْ يُفَارِقْ لَاهُوتَهُ المُتَّحِد بِهِ حِضنَ الآب لَحْظَةً وَاحِدَةً , كَمَا أنَّ الشَّمْسَ حِينِ تُرْسِلُ نُوَرَهَا إِلَى الأَرْضِ لَا تَنْفَصِلُ عَنْهُ أَبَدَاً

* المُثَّلَّث المَصْنُوع مِن الذَّهَبِ لَهُ ثَلَاثَةَ رُؤُؤسٍ = أَ + ب + ج فَالرَّأْس أَ لَيْسَ ب وَلَيْسَ ج وَلَكِن الرُّؤُوس الثَّلَاثَة مُكَوَّنَة مِنَ الذَّهَب ( اللَّاهُوت ) وَتُشَكِّل مَعَاً مُثَلَّثَاً , وَلَكِن إِن انْعَدَمَ أَحَدَ هَذِهِ الرُّؤُوس لَا يُصْبِح مُثَلَّثَاً ! وَهَكَذَا هُوَ اللّه فَلَو افْتَرَضْنَا عَدَمَ وُجُودِ أَحَدِ الأَقَانِيمِ فَهَذَا يَعْنِي عَدَمَ وُجُودِ اللّه
* المُجَسَّم = طَوَّلَ + اِرْتِفاع + عَرْض فَالأَبْعَاد الثَّلاثَة تُشَكّل المُجَسَّم مَعَاً وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهَا وَبِدُونِهَا لَا يُصْبِحُ مُجَسَّمَاً

——————————————————–

+ المجد لله دائماً +

أضف تعليق